صفحة:غابة الحق.pdf/114

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وصرح بدعوى هذا ودعوى ذاك؛ فعلى أي أساس نبني بطلان العادة الآخذة مبدأها من سالف الحقب. وذاك يقول: بكل حق يجب نسخ هذه العادة الخشنة التي ينفر منها الطبع الإنساني، ولا يجوز التعبُّد لسوى الله الذي هو قال: «للرب إلهك تسجد وله وحده تعبد.» وما ورد من ذكر عبد أو أَمَة في الكتاب يأخذ مفهوم الخادم أو السُّرِّية أخذًا يتضمن الانتماء البسيط من الفقير الباذل تعبه بحريته إلى الغني الدافع فضته بإرادته منتخبًا هذا ومرذلًا ذاك. وذلك يقول: إن هذا الكلام هذَيَان، كيف نترك عبيدنا الذين قد اشتريناهم بالذهب والفضة وأنفقنا عليهم كذا مصاريف من أكل وشرب وكسوة؟! (اسمعوا يا ناس، هل يطاق هذا الفشار العمي؟) ويقول الآخر: ليس الهاذي سوى من يُنزل الإنسان منزلة البهيمة بالبيع والشراء والعلف، زاعمًا أن الزنجي أو المملوك الكرجي هو حمارنا ناطق، ولا يوجد فيه أدنى إحساس إنساني (ما شاء الله على النتائج الذهنية).

وبينما كان هذا الجوق المتجاذب يتبادل النضال، وإذا إيماء وزير محبة السلام يستوقف خطاب الفيلسوف المنتصب على الصخرة كأَرز لبنان، وصوته يقول للزنجي الواحد هكذا: اشرح يا ياقوت هنا علنًا ما رويته لي خفية. فتردد العبد خجلًا ومهابة فأعيد عليه الأمر، فتقدم حينئذٍ هذا العبد الأسود قليلًا وحنى رأسه أمام المظهر الملوكي، ثم نكص إلى الوراء والتفت إلى الحاضرين وافتتح كلامه بصوت منخفض يصعب استماعه، فناداه الوزير قائلًا: اجهر صوتك، فجعل العبد يقص بكلام