صفحة:غابة الحق.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الغلاظ لا ترتاح إلى مناولة الأطعمة اللذيذة كعين شفاهك الرقاق؟ وهل تخال أن عينه المستديرة لا تشتاق إلى التمتع بطيب الكرى كذات عينك المستطيلة؟ وهل تفترض أن أنفه الأفطس لا يُحس بالمشمومات الذكية نظير أنفك الأقنى؟ وبالإجمال نقول: هل تتوهم أن وجوده في بيتك تحت سلطان دراهمك التي بها اشتريته يجعله غريبًا عن جنسك ومميزًا عن نوعك وبعيدًا عن حواسك؟ حاشا وكلَّا. إن جميع أعضاء هذا الأسير وطبيعته هي نظير أعضائك وطبيعتك، ولا يوجد بينكما أدنى اختلاف بسوى جلده الأسود الذي ربما يكون زاهيًا ببياض الأفعال، وبجلدك الأبيض الذي ربما يكون مدنسًا بسواد الأعمال.

فمن أين أبيح لك شراء الإنسان وعذابه وقهره يا أيها الظالم العنيت؟ وكيف تمكنك الطبيعة الإنسانية من مجاوزة حدودها وشرائعها بمثل هذه الأفعال الشريرة؟ ألم تتحرك في باطنك جوارح الشفقة عندما يكون هذا الغريب المسكين واقفًا بين يديك القاسيتين مرتعدًا مذعورًا وعيناه مغرورقتان بالدموع، ويداه مبسوطتان لديك بكل ذل وهوان عسى يتقبلان منك العفو والرأفة على ذنب ربما يكون حسنة؟ أطلِق هذا العبد الغريب فلا يسوغ لك استعباد الجنس البشري. أطلِق هذا العبد الغريب فلا عاد يحتمل أثقال تهافُتِك ومضض خدمتك. أطلِق هذا العبد الغريب فقد بُحَّ حلقه من الصراخ وذبلت عيناه من كثرة الرجاء، أطلِق هذا العبد الغريب