صفحة:غابة الحق.pdf/111

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ذلك المولى إلى ربط هذا المخلوق بالحبال وجلده بالسياط تحت مواقع العنف الشديد بدون أدنى رفق أو خشية آثام أيَّان دعا الداعي، وربما كانت هذه الحالة حتى إن هذا المسكين يعود صارخًا ولا مجاوب مستجيرًا ولا مجير مستغيثًا ولا منقذ.

فهل يوجد قلب مستقيم لا يلعن عادةَ اتِّخاذ العبيد بين الناس حينما يعاين إنسانًا يحوي كل الأخلاق الإنسانية متِّخذا له أسيادًا من جنسه ومقدِّمًا كل حياته ضحية في هياكل أوامرهم المظلمة حيثما لا يجازى بسوى الضرب والشتم واللعنات، فلا يأكل خبزه الدنيء إلا بالتنهد والحسرات، ولا يشرب ماءه العكر إلا بالدموع والعبرات، ولا ينام على فراشه الحجري إلا قلقًا بالأوجاع والأوصاب، وربما لا تكاد أهداب أجفانه أن ترتجف بمرور نسيم النعاس إلا ويهب من مضجعه هبوب العاصفة إذ يتخيل رنين صوت في أذنه أو هفيف وسواس ظانًّا أن سيده يدعوه لقضاء حاجة، أو سيدته أتت تنبهه ليأتي فيغير لها رفائد الولد أو يلهيه عنها إذا كان باكيًا لكي يمكنها استيفاء لذة النوم، وهكذا فلا يعطس أنف الصباح أو يسيل مخاط الشيطان إلا على يقظته.

فهات أعرِب لنا يا أيها السيد عن الامتياز الطبيعي الحاصل بينك وبين عبدك البائس، وقل لنا ما هو الفرق بينكما من حيث الشعور والإحساس. أخبرنا، هل تظن أن جلده الأسود لا يشعر بالفواعل عليه كنفس جلدك الأبيض؟ وهل تزعم أن شفاهه