صفحة:غابة الحق.pdf/109

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

يا مستعبِدي البشر وأسِنَّة الحرية لمعت في الآفاق؟ أين صولتكم يا عاملي الظلم وألوية العدل خفقت في الأعالي؟ زولوا فقد دهمتكم الغلبة، حولوا فقد أخذتكم الرِّعدة. ها قد هبَّت بكم عواصف القضاء المبرم إلى غاية الحق حيثما تصدح بلابل العدل وتتراقص أغصان الأمان تحت سماء التمدن العظيم؛ فلا عاد لسيوفكم مواقع ولا لنبالكم مرامٍ.

العبودية

فاعلم يا ملك العبودية أن جميع شرائعك وأحكامك التي كنت توسوس بها في صدور الناس قد سقطت الآن مبانيها، ودثرت أصولها، ولم يبقَ لها مدخل في جميع العالم، وكل ملوك الأرض قد نهضوا ضدها، ولكن لم يزل بعض الناس إلى الآن متمسكًا ببقية خبيثة من نواميسك التي قد نشرتها بينهم منذ ثلاثة آلاف وخمسمائة واثنتين وسبعين سنة، وهي استعباد بني البشر.

فمن المعلوم لدى العموم أن الطبيعة البشرية قد خُلِقَتْ في كمال الحرية الأدبية وأن خالقها ذاته — عز وجل — قد منحها هذه السيماء الجليلة عندما أطلق لها عنان الاختيار بين الماء والنار، واضعًا فيها معرفة الخير والشر ومبدعًا في سجيتها حركة الانعكاف على هذا والانكفاف عن ذاك. فمن أين يسوغ لبني هذه الحرية الإنسانية أن يُبيحوا تمزيق جلبابها بأنياب الأغراض لبعضهم بعضًا؟ وكيف قد أمكن للإنسان منذ القديم أن يستحسن هذه الزلة القبيحة لدى الخالق والمخلوقات وأن يسلك في شأنها رغمًا عن كراهية نفس غريزيته لهذا