صفحة:غابة الحق.pdf/106

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لم تكن مفارقة عموم هيئته الضخمة، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا قائد الحسد والطمع.

أما الشخص الرابع: فقد كان رجلًا كهلًا وعلى رأسه عمامة قد مزقتها مخالب الدهور وغيَّرت ألوانها صباغات الأقذار، وعلى بدنه ثوب أنكرت نسجه جميع الأقمشة لما أودعت فيه الأوساخ من الزركشة، فإنه شبعان من الدسم وريَّان من الوخم، ويعلو هذا الثوب وشاح قد توشَّح بالغثة ونهشت أقطاره أنياب العثة، فلا يحصى إلا مع الأحلاس ولا يعتبر إلا اعتبار الأدران والأدناس. أما وجه هذا الرجل فقد كان بيضيًّا، ومشهده دُرِّيًّا، ونظره لا يفتر واقفًا على ما يلائمه وقوف شحيح ضاع في التراب خاتمه. ويداه قد كانتا منقبضتين بانقباض يد النخيل على ذهب ولجين. وهما مموَّهتان بالأوزار ومطليتان بالأقذار، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا قائد البخل.

رأى الصيف مكتوبًا على باب داره
فحفه ضيفًا فقام إلى السيفِ
فقلنا له خيرًا فظن بأننا
نقول له خبزًا فمات من الخوفِ

أما الشخص الخامس: فقد كان رجلًا ذات طلعة صفراء، وحلة سوداء، وأسنان مكزوزة، وأصداغ مهموزة. وكانت جبهته تسبح في الكدر، وأعينه تنثر الشرر، وكأنه مشمول بِهَمٍّ عظيم، ومأخوذ بِغَمٍّ أليم، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا قائد الضغينة.

أما الشخص السادس: فقد كان إنسانًا صغير الرأس متطاوله،