صفحة:غابة الحق.pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

القدميَّة، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا ملك العبودية.

أما الشخص الأول: بعد ذاك المقدام فكان رجلًا ضخم الجثة، غليظ العنق، مفرطح الرأس والجبهة، أفطس الأنف، ثخين الشعر، سميك الشفاه، وكانت أرواح التبسُّم البهيمي تتراقص على وجهه، وضباب الجمود الحيواني مخيِّمًا على عينيه، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا قائد الجهل.

أما الشخص الثاني: فلئن كان منظره جميلًا إلا أنه لا يخلو من جملة أطوار لا تلذ الناظر؛ فقد كانت سعة جبينه مضنوكة بغضون العبوسة، وبياضه مبلبلًا بظلمة الشكاسة. وكان أنفه الأقنى مرتفعًا ومحصورًا كذي اشمئزاز، وأنفه وحواجبه المقرونة مزرَّرة كذي غضب وسخط، وأعينه السود المبرقعة بنظر المحتقر والمستصغر، وفمه الأقاحي مفتَرًّا بابتسام العُجبِ والتيه، وعلى صدره لوح مكتوب فيه: هذا قائد الكبرياء.

يا قاتل الله الجمال فإنه ما زال يصحب باخلًا متكبرًا أما الشخص الثالث: فقد كان رجلًا تعجز عن تشخيص أمارات وجهه دقائق الفراسة؛ فأعينه الزرق قد كانت حادَّة الشخوص جدًّا حتى إنها إذا نظرت إلى شيء تكاد أن تجحظ من الحجاج وتطير إليه، وكان وجهه الأعبس يظهر كأنه مصاب بالاستسقاء لما فيه من انتفاخ الرياء، وكانت جوارح بلبال التفكر حائمة على جوانحه. وهيئة بكاء الطفل ما كانت تبارح شفتيه، هذا عدا أهبة الهجوم التي