صفحة:غابة الحق.pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المحتفل وانخرطت في سلك الأشخاص اللاحقين من حيث لم يشعروا بقدومي. فرأيت الجوق الذي كان موثقًا بالأداهم قد صار صفًّا منتظمًا إزاء العرشين، والقائد والفيلسوف لم يزالا جالسَين حذاء الملكة يخاطبانها بحديث لم أسمعه، ووزير محبة السلام واقفًا بجانب العرش الملوكي وتلوح على وجهه سحنة التفكر العميق، والملك مرسِلًا نظراته لفحص الجمهور وعلى وجهه تتلاعب أطوار الغضب، وما لبث السكوت برهة أن التفتت إليه الملكة وقالت له بصوت احتفالي: قد استصوب الفيلسوف والقائد ما تناجينا به منذ هنيهة في أمر كيفية محاكمة هؤلاء الأسرى.

– فليذهب القائد إذن وليحضر الأشخاص الذين عيَّنَّاهم إلى المرسح. فما أتم الملك كلامه إلا ورأيت القائد قد وثب وثوب الجواد وطلب موقف الأجناد. وإذ أسدل السكوت ستاره ونشر الهدوُّ شراعه، أخذت أتأمل الصف المأسور وأنتقد كلًّا منه وأنا ملتطم بين موجتَي التعجب والارتياع وواقع في بحراني التكذيب والتصديق، فكان الشخص الذي هو مقدام الجوق رجلًا حليف الشيخوخة قد امتصت الأيام ماء وجهه المصفوع بكفَّي الزجر والانتقام، وحرثت السنون سهلة جبينه، وندف الزمان على لحيته قطن الشيب، ولا يقدر على نصب قامته من ثقل الحوادث المتراكمة على ظهره، وكان جميع حرارة أعضائه قد تجمعت في حدقتيه اللتين كانتا تنثران شررًا ودخانًا، أما رأسه فكان متوجًا بإكليل عتيق الزي قد نخره صداء