صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/93

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فجاء إلى محمد. فكفرت بالله وجحدت محمدًا صلى الله عليه وسلم. قلت فما تقول أنت ؟ قال: أقول خلق الله الخلق كما يشاء لا كما يشاؤون فمن عذبه منهم عذبه غير ظالم. ومن رحمه فرحمته وسعت كل شيء عز وجل أن يقال له لم وكيف فقد قال تعالى في كتابه العزيز ﴿ لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ. ثم قال يا ابن عامر هل أنكرت شيئًا ؟ قلت لا.  

قال سعيد بن عامر كان بالبصرة وال يقال له محمد بن سليمان وكان كلما صعد المنبر أمر بالعدل والإحسان. فاجتمع قوم من نساك البصرة فقالوا أما ترون ما نحن فيه من هذا الظالم الجائر وما يأمر به.

فأجمعوا ان ليس له إلا أبا سعيد الضبعي. فلما كان يوم الجمعة احتوشوا أبا سعيد وهو لا يتكلم حتى يحرك فلما تكلم محمد بن سليمان حركوه. وقالوا يا أبا سعيد، محمد يتكلم على المنبر يأمر بالعدل والإحسان.

فقال يا محمد بن سليمان إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا يفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. يا محمد بن سليمان ما بينك وبين ان نتمنى أنك لم تخلق إلا أن يدخل ملك الموت بيتك. قال فخنقت محمد بن سليمان العبرة ولم يقدر على الكلام. فقام أخوه جعفر بن سليمان إلى جانب المنبر فتكلم عنه. قال فأحبته النساك من حين خنقته العبرة. فقالوا مؤمن مذنب. 

قال سعيد بن عامر: كان لجعفر بن سليمان جارية اسمها الخيزران وكان مفتونًا بها وشهر ذلك بالبصرة. فركب يومًا في جماعة من الموالي يريد الجمعة فمر بأبي سعيد الضبعي فلما حاذاه قيل لأبي سعيد هذا جعفر. فرفع رأسه وقال يا جعفر تحب خيزران قال نعم. فقال أبو سعيد: 

نبئتها عشقت حشًا1 فقلت لها
لا يعشق الحش إلا كل كناس

  1. الحش مثلثة، البستان و یكنى به عن المستراح لانهم كانوا يتغوطون في البساتين.