صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/84

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قال السري مولى ثوبان أدركت بالكوفة مجنوناً يقال له عليان وكان يأوي إلى دكان طحان وكانت معه عصى لا تفارقه، وكان الصبيان قد علموا وقت مسيره إلى الدكان فيجتمعون ويعبثون به، فإذا بلغت أذيتهم منه قال للطحان قد حمي الوطيس وطاب اللقاء وأنا على بصيرة من أمري فما ترى؟ فيقول شأنك، فيثب وهو يقول:

إذا هم ألقى بين عينيه عزمه
وأعرض عن ذكر العواقب جانباً

ثم يشد مئزره ويقول:

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
دون النساء ولو باتت باظهار

ثم يتناول العصا ويشد عليهم ويقول:

أشد على الكتيبة لا أبالي
أحتفي كان فيها أم سواها

والصبيان يهربون، فإذا أرهقهم طرح الصبيان أنفسهم وكشفوا عن عوراتهم، فيعرض عنهم بوجهه ويقول عورة المؤمن حمى لولا ذلك لتلف عمرو بن العاص يوم صفين والأخذ بكلام علي رضي الله عنه أولى بنا أمرنا أن لا نتبع مولياً ولا نذفف على جريح، ثم يرجع ويقول:

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه
خشاش كرأس الحية المتوقد ثم يعود إلى دكان الطحان ويلقي عصاه ويتمثل:
وألقت عصاها واستقرت بها النوى
كما قر عيناً بالإياب المسافر

قال علي بن ظبيان مررت يوماً بالكوفة فلما صرت في سكك همدان إذا أنا بعليان المجنون وفي يده قصبة فارسية مثل القناة وفي رأسها كبة قطن وعليها خرقة، وإذا هو يشد على الصبيان، فإذا أدركهم قالوا القصاص يا علي، ثم يلقي القصبة من يده، فلما رأيته تهيبت أن أمر بين يديه، فقال لي مر يا علي فلست منهم فمررت فلما حاذيته قلت من نوقش في الحساب عذب قال كلا يا علي ربنا أكرم من ذلك فإنه إذا قدر عفا، قلت