صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/85

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

له من العاقل؟ قال من حاسب نفسه وخاف ربه.

قال علي بن محمد الكناني كنت بمكة وعليان المجنون بها، وضربه الصبيان، وضربه بعض الفسقة بسكين فقطر منه الدم، فكنت أنظر إلى الدم يقطر على الأرض وبكيت له فبصرت ذلك في تسعة عشر موضعاً.

قال الإمام أبو يوسف القاضي رحمه الله كنت ماراً في طرقات الكوفة وإذا أنا بعليان المجنون فلما بصر بي سلم علي وقال لي أيها القاضي مسئلة قلت هات، قال أليس قال الله تعالى في كتابه العزيز " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ". قلت بلى قال أليس قال الله عز وجل: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير "، قلت بلى، قال فما نذير الكلاب، قلت لا أدري فأخبرني، قال لا والله لا أقول إلا بمن رقاق من شواء ونصف من فالوذج، فأمرت من جاء بها، ودخلت معه مسجداً فأكلها حتى أتى على آخرها، فقلت هات الجواب فأخرج من كمه حجراً وقال هذا نذير الكلاب!

وقال له بعض الناس يوماً يا مجنون، فقال مهلاً إنما المجنون من عرفه ثم عصاه.

قال عطاء السلمي مررت ذات يوم في بعض أزقة الكوفة فرأيت عليان المجنون واقفاً على طبيب يضحك منه ومالي عهد كان بضحكه، فقلت له ما أضحكك؟ قال هذا السقيم العليل الذي يداوي غيره وهو مسقام، قلت فهل تعرف له دواء ينجيه مما هو فيه؟ قال شربة ان شربها رجوت برأه، فقلت صفها، قال خذ ورق الفقر وعرق الصبر واهليلج التواضع وبليلج المعرفة وغار يقون الفكرة، فدقها دقاً ناعماً بهاون الندم واجعله في طنجير التقى، وصب عليه ماء الحياة وأوقد تحتها حطب المحبة حتى ترمي الزبد ثم أفرغها في جام الرضا وروحها بمروحة الحمد واجعلها في