صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/66

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
خذ عن الناس جانبا
كي يظنوك راهبا

وأنشد أيضا:

ولو لم يكن شيئا سوى الموت والبلى
وتفريق أعضاء ولحم مبدد
لكنت حقيقا يا ابن آدم بالبكا
على نائبات الدهر مع كل مسعد

قال عبد الله بن خالد الطوسي: لما خرج هارون الرشيد إلى مكة فرش له من جون العراق إلى مكة لبد مرعزي وكان حلف على أن يحج راجلا فاستند يوما إلى ميل وقد تعب، فإذا سعدون قد عارضه وهو يقول:

هب الدنيا تواتيكا
أليس الموت ياتيكا
فما تصنع بالدنيا
وظل الميل يكفيكا
ألا يا طالب الدنيا
دع الدنيا لشانيكا
فما أضحكك الدهر
كذاك الدهر يبكيكا

فشهق الرشيد شهقة فخر مغشيا عليه ثم أفاق بعد أن فاته ثلاث صلوات. قال ذو النون بينا أنا في أزفة مصر إذا أنا بسعدون المجنون وعليه جبة صوف جديدة مكتوب عليها خطوط قد أدخل رأسه فيها، فسلمت عليه فرد السلام، فقلت: قف يا أبا سعيد حتى أنظر ما على جبتك، فوقف، فقرأت على كمه الأيمن سطرين: عصيت مولاك يا سعيد ما هكذا تفعل العبيد وعلى كمه الأيسر سطرين:

تبا لمن قوته رغيف
يأتي به السيد اللطيف
يعصي إلها له جلال
وهو به راحم رؤوف