صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/151

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–١٤٥–

شيخ مجنون

قال أبو الهذيل العلاف: رحلت من البصرة أريد العسكر1 فمررت بدير هرقل فقلت لأدخلن هذا الدير لأرى ما فيه، فإذا شيخ حسن اللحية في السلسلة فأدمت النظر إليه، فلما رآني لا أرد بصري عنه قال لي معتزلي أنت؟ قلت نعم. قال إمامي؟ قلت نعم. قال تقول القرآن مخلوق؟ قلت نعم. قال كن أبا الهذيل العلاف قلت أنا أبو الهذيل. قال أسألك؟ قلت: سل. قال أخبرني عن الرسول صلى الله عليه وسلم أليس هو أمين في السماء وفي الأرض؟ قلت بلى. قال أخبرني عنه هل به خلة ميل أو حيف أو هوى؟ قلت لا.

قال فأخبرني عن رأيه أليس هو الذي لا يدخله زلل وشبهة، وهو المعصوم من الشبهة والريبة قلت بلى. قال فأخبرني عمن هو دونه من الخلق. أليس يدخلهم في رأيهم الفساد والغفلة والهوى وانهم أضداد في كل شيء وإن كانوا أخياراً. قلت بلى. قال فلأي علة لم يقم لهم علماً ينصبه بقوله هذا خليفتكم بعدي فلا تقتتلوا.

لمن يفعل هذا الا لا يكون الاختلاف والفساد في أُمته؟ قلت معاذ الله أن يكون ذلك. قال فلم تركهم وألجأهم إلى رأي من دونه في الصفة، إذ لم يحب الاختلاف والتشتت؟ فسكت لم أدر ما أقول له. فقال مالك لا تجيب الا تحسن؟ ثم تركته وخرجت! فلما رآني مولياً ناداني الشيخ ارجع إلينا، فرجعت إليه.

فقال أحسبك تريد الخليفة قلت نعم. قال الا أن تصير إلى الخليفة إقضي لي حاجتي. فقلت وما هي؟ قال تكلم هذه الفاعلة امرأة صاحب الدير تطلقني، فكلمتها فقالت عليه في هذا ضرر، فلما رآها غير مجيبة قال فسلها أن تستوطني، فسألتها فأجابت، فانصرفت عنه متعجباً. فلما


  1. العسكر مدينة كانت على شرفي دجلة بناها المعتصم واسكن بها جنوده واسمي سرَّ من رأى وسامرًا .