صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/146

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–١٤٠–

شاب مجنون

قال بعضهم: دخلت دار المجانين بالبصرة، فرأيت شاباً أحسن الناس وجهاً، وقد قيد وغل، وكنت رأيته في البزازين قبل ذلك صاحب نعمة. فقلت ما الذي دهاك؟ فأنشأ يقول:

تمطّى عليّ الدهر في متن قوسه
ففرقنا منه بسهم شتات
فيا زمناً ولّى على رغم أهله
ألا عد كما قد كنت مذ سنوات

غلام مجنون

قال الوليد بن عبد الرحمن السقاء برملة: بينا أنا ذات ليلة في منزلي، إذ طرق الباب طارق، فقلت من طرق الباب؟ فأنشأ يقول:

أنا الذي ألبسني سيدي
لما تعريت لباس الوداد
فصرت لا آوي إلى مؤنس
إلاّ إلى مالك رقّ العباد

فخرجت فإذا أنا بغلام ذاهب العقل، هائم مجنون مستوفز، فدخل الدار وقال: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فعلمت أنه جائع، فقدمت إليه شيئاً فأكل وشرب، ثم وثب إلى الباب وأنشأ يقول:

عليك اتكالي لا على الناس كلهم
وأنت بحالي عالم لا تعلّم
وأقسمت أني كلما جعت سيدي
سنفتح ستفتح لي باباً فأُسقى وأُطعم

قال الوليد السقاء: فقلت له توصيني بوصية فقال:

الزم الخوف مع الحزن
وتقوى الله فأربح
وذر الدنيا مع الأخ
رى فتقوى الله أرجح
فاجتهد في ظلمة اللي
ل إذا ما الليل أجنح
واسأل الله ذنوبك
فعللّ الله يصفح