صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/120

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

غورك المجنون

قال أبي إسحاق بن إبراهيم الابلي: رأيت غورتا المجنون يومًا خارجًا من الحمام والصبيان قيام يضربونه ويؤذونه وهو يبكي فقلت له: ما خبرك يا أبا محمد ؟ قال قد أذاني هؤلاء الصبيان، أما يكفيني ما أنا فيه من العشق والجنون ؟ قلت: ما أظنك مجنونًا. قال بلى والله وبي وعاشق شديد. قلت: هل قلت في عشقك شيئًا ؟ قال: نعم ثم أنشد: 

جنون وعشق ذا يروح وذا يغدو
فهذا له حدٌّ  وهذا له حدّ
هما استوطنا قلبي وجسمي كلاهما
فلم يبق لي قلب صحيح ولا جلد
وقد سكنا تحت الحشا وتحالفا
على مهجة أن لا يفارقها الجهد
وأي طبيب يستطيع بحيلة
يعالج من داءين ما منهما يدّ

قال الأيلي: فوليت عنه فقال قف واستمع ما أقول فإن شرح غرامي على الخلى يطول فوقفت فأنشد. 

قال محمد بن الزراد: قلت لغورك ما حيرك ؟ قال جنون وعشق قد بليت بهما، والذي بليت به من هؤلاء الصبيان أشد. وقال: 

جنون ليس يضبطه الحديد
وحبٌّ لا يزول ولا يبيد
فجسمي بين ذاك وذا نحيل
وقلبي بين ذاك وذا عميد

ثم قال لي إنصرف ما سمعته يكفيك وأخذ يوماً بيد المتهم بعشقه فقال له المعشوق كيف أصبحت؟ فقال:

أصبحت منك على شفا جرفٍ
متعرضاً لموارد التلف
وأراك نحوي غير ملتفٍ
محرفاً عن غير منحرف
يا من أطال بهجرة أسفي
أسفي عليك أشد من تلفي1

قال: وقلت لغورك يوماً أخبرني باحسن ما قلت في الحب؟ قال:


  1. و بروی. کلني عليك أشد من أسفي