صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/119

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۱۱۳ –

قصور من فضة، وخيام مزينة، ومجالس متخذة، والحور أزواجهم، والطير يظلهم، والملائكة تخدمهم. فقال الحجاج يا ميمون ! وصفت الجنة ولم تصف أزواجها، فهل لك أنُأريك شيئًا يذهل عقلك، ويلجلج لسانك ؟ ثم نادى الحجاج يا أملس ! فخرجت جارية معتدلة القامة، في حسن تام، عليها قباء رقيق وهي تمشي وتخطر، ولها ذوائب قد جللت أكتافها. فلما نظر إليها ميمون قال: ويحك يا حجاج ! ما تصنع بهذه الجارية ولها أجل

مسمى، وأيام محصاة ؟ ثم اخرج من كمه رغيفًا يابسًا فقال يا حجاج ! انظر إلى هذا الرغيف ويبوسته، إن أطعمته جائعًا ملهوفًا رجوت الله أن يزجني جارية كأن الشمس تطلع من بين عينيها، وكأن الغنج يجري في حركاتها فأُطرب، وتكلمني فُأنعم، وأرجو أن أكون قد استوجبتها في هذا الوقت لقولي الحق، وتركي الهوى.

قال الحجاج يا ميمون: امدحني فأُحسن جائزتك. قال يا حجاج ! والله ما أعرف فيك خيرًا فأقوله. وإن

قلت ما أعرف فيك ذممتك، ولكن ما أذم الناس، لأن في نفسي ما شغلني عن عيب غيري. قال الحجاج: قد أمرت لك بأربعة آلاف درهم. قال: المال فرده إلى الموضع الذي سرق منه، ولا تكن لصًا جوادًا تجود به على من ان ذمك لا يضرك، وإن مدحك لا ينفعك. خلي سبيلي أسأل الله بقوت يغني عن نوالك ونوال أضرابك. فخلى سبيله. وسيجيء باقي قصة ميمون معه. 

طيورية المجنون

كان يحيى بن متمم الدوسي يقول: كان بدير العاقول مجنون يقال له طيورية وأخذه الشرط وهو يبول1 على باب المسجد فضربوه. فقال: أرأيتم لو بال ههنا حمار أكنتم تضربونه ؟ فهبوني حمارًا فتركوه.


  1. في الأصل . يقول .