صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/118

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
يخاف أن يمقته أهله
ولا يبالي مقت مولاه
وعابد1 الله يرى برّّه
في كل ما سرّ وما ساه
همته في كل أسبابه
رضوان ذي العزة مولاه

ميمون الواسطي

قال المسيب بن شريك بلغني ان ميمون الواسطي المجنون أُدخل على الحجاج ابن يوسف وكان ميمون بليغًا عابدًا فقال له الحجاج: أتجنّن2 أهل مثل هذا الكلام وتسمى مجنونًا ؟ فقال يا حجاج ! إن أهل البطالة إذا نظروا لأهل المحبة سموهم مجانين وقد سبق القول منهم، لو رأيتموهم لقلتم مجانين، ولو رأوكم لقالوا: لا تضمنون بيوم الحساب، وأنت يا حجاج ! لو كنت تؤمن بالله واليوم الآخر بكلية قلبك، لشغلك عن أكل الطيب، ولبس اللين، ولكنه استقذرك، فطردك، ولو أرادك لاستعملك. إن الله عبادًا مطهرين مطيعين، بالعبادة مشتغلين، وهم ثلاثة أصناف: فقومًا عبدوه شوقًا إليه، فقلوبهم لا تشتغل بغيره، لأن قلوبهم قد ألفت، وسقاهم ربهم بكأس الوداد شربةًّ فقاموا شوقًا، فلا تحط رحالهم إلا في قرب االله. فهم خاصته في أرضه. وقومًا عبدوه خوفًا من النار، لما سمعوا قوله تعالى: " قووا أنفسكم وأهليكم نارًا " فحذروا وبادروا واجتهدوا خوفًا من النار من تحتهم ومن فوقهم وعن أيمانهم، وعن شمائلهم. فالأفاعي تلسعهم، والعقارب تلذعهم، كلما استغاثوا جدد لهم العذاب، وهو عدل من الرحمن. وقومًا عبدوه طمعًا في الجنة دار أوليائه، محل أصفيائه. لما سمعوا قوله تعالى " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " فصبروا على الألم، حتى استوجبوا الرضى، والعفو عما مضى، فقلوبهم تحن إلى جوار الله سبحانه، ليسكنهم في


  1. في الأصل ( وعامل )۰
  2. كذا .