صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عشرة المدني

 

كان رجلاً عجميًا وكان يجلس تحت دار سعيد بن العاص فمر به يومًا إبان بن عثمان متولي الشرطة. فقال لصاحب بابه: احجب الناس من بين يدي، ومن خلفي. ودنا إلى عشرة المدني وكان إذا قيل له يا عشرة، تجرد. فقال له إبان بن عثمان: يا عشرة ! فلم يتكلم فألح عليه فمسك لحيته بيده وتكلم بالفارسية: يا ريش كان اللحم إذا فسد داويناه بالملح، فإذا فسد الملح بأي شيء يداوى ؟ قال إبان بن عثمان: إذا كان الأمر على ذلك. فمن عاد صالح له بهذا الاسم يعني عشرة جلدته بكذا وكذا سوطًا.  

سابق 

قال أبو هاشم إسرائيل بن محمد القاضي: كان بالمهرجان معتوه يقال له: سابق، وكان متوحشًا مأواه الخرابات والمقابر والغياض. وكنت أحب أن أراه وُأكلمه، فأتيته يومًا بالمقابر وقد وضع رأسه على قبر، فلم يشعر بي حتى سلمت عليه. فقال: وعليكم السلام. ثم هبته، فرفع رأسه إلي وقال لي: يا إسرائيل ! خف الله خوفًا لا يشغلك عن الرجاء. فإنك إن ألزمت قلبك الرجاء يشغلك عن الخوف. وفر إلى االله، ولا تفر منه، فإنه يدركك ولن تعجزه، ولا تطع المخلوق في معصية الخالق. واعلم أن الله يومًا تشخص فيه الأبصار

مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. ثم قام فدخل الخرابات. فعدت إليه بعد شهر، فلما أبصرني هرب، فقلت له يا سابق لا أعود إليك بعدها، فوقف فقلت: علمني كلمات أدعو بهن. فقال:

أفضل الأعمال ما أُكرهت عليه النفوس، ثم قال: قل اللهم اجعل نظري عبرة، وسكوني فكرة، وكلامي ذكرًا. ثم تخطى حائطًا من الخراب ومضى.