صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قال رددت الأمر إلى مدبرها وخالقها. وعلمت أن خيرها وشرها ونفعها وضرها منه. قلت ليتك مت قبل هذا الوقت، فقال لي: يا ابن الفاعلة الله سبحانه أرحم بي أمهلني إلى هذا الوقت الذي عرفت فيه رشدي. 

قال شعيب بن مخلد الدهان: دخلت عليه يومًا فقلت له يا همام ! ما هذا الذي يبلغنا عنك ؟ قال وما يبلغكم عني ؟ قلت بلغنا أنك انتقلت من القول بالعدل إلى القول بالجور، قال همام يا ابن الفاعلة ! لو كنت تقول بالعدل لرددت الأمور إلى مدبرها وخالقها وبعد فأنت تقول بالعدل وتغشى الاثم، فرماه بحجر، فلم يزل يعرج منها. قال واجتمعت به يومًا فقلت له: يا همام ! أي شيء تأمر في ميراثك لأبيك ؟ فنظر إلي مغضبًا وقال: أيتوارث أهل ملتين مختلفتين ؟ قلت له أو نحن ملتان مختلفتان ؟ قال نعم: أنتم تزعمون أن الله قضى الخير، ولم يقض الشر، وأنا أقول: أن الله قضى الخير والشر. وإن من عذبه عذبه غير ظالم، ومن رحمه فرحمته وسعت كل شيء، رحمه الله تعالى. 

بعيل أو جعيل

قال عبد الله بن محكم الحمصي سألت بعيلاً وكان من أهل المحبة. متى يصح للعبد الولاية ؟ قال: إذا سبقت له العناية، وكان من مولاه في كفاية. قال وسمعته يقول وقد سئل عن العارفين: 

قوم لهم همم تسمو بهم أبدًا
إلى جليل عظيم القدر غفار

قال جعفر بن عبد القادر المقدسي: سألت جعيلاً عن حد الزهد، فقال: استصغار الدنيا. فلما وليت، دعاني فقال: هو محو الدنيا من القلب، قال وسمعته في بعض الخرابات وقد خنقته العبرة وهو يقول: 

يا رجائي وعصمتي ومنائي
إلاحم اليوم ذلتي وبكائي
يا حبيبي ومؤنسي وعمادي
وغياثي ومعقلي ورجائي