صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/103

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
فعاد بحزن قد جري في ضميره
تنوح به أعضاؤه ومفاصله
يسرّ الفتى ما كان قدّّم من تقى
إذا عرف الداء الذي هو قاتله

قال عطاء: ومررت به يومًا وهو في المقبرة واقف على قبر يخاطبه، فقلت من تخاطب ؟ قال: صاحب هذا القبر فإنه كان صديقي ورفيقي، قلت: وما قلت ؟ قال أقول. 

يا صاحب القبر يا من كان يأنس بي
وكان يكثر في الدنيا موآتاتي

قلت وما جاوبك ؟ قال قال: 

شغلت عنك بشيٍءٍ لست واصفه
من الغموم ولوعاٍتٍ وبرحات

قال عطاء: مر بي يومًا في أزقة البصرة فقلت له كيف أصبحت ؟ قال

أصبحت لا أعرف ما صباحي
من الهموم لا ولا رواحي
أفرط في جرمي وفي اجتراحي
فصرت كالبازي بلا حناح

همام

قال قاضي أرجان كان أبو همام يقول بلاعتزال وكان همام ولده يقول بقوله. فغلب على عقله فتاه، فقيد وشدت يده إلى عنقه. قال: فدخلت عليه فجلست بعيدًا خوفًا منه. وقلت له: يا همام ! كيف تجدك ؟ فقال لي أسكت يا قدري، فقلت له يا سبحان الله ! ما هذا الجواب ؟ أليست مقالتنا ومقالتك واحدة ؟ قال: لا ولا كرامة لك يا ابن الفاعلة. إني نظرت في مقالتك ومقالة عمك الضال المفتون فوجدتكما كافرين بالله تعالى فقلت: كيف ؟ قال انكما تزعمان أن الله سبحانه جعل فيكما استطاعة، تغلبان بها؛ استطاعة الله تعالى، وأنت يا ابن الفاعلة تزعم أن الله سبحانه وتعالى لم يقض عليك الزنا، وأنت قضيته على نفسك، فتبارك الله في حكمه، وزعمت أن الله لو قال لك افعل، فلعنك الله ولعن عمك. قلت: فأي قول أخذت لنفسك ؟