صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ويقول أيها الناس !﴿وَٱتَّقُواْ يَوْمًا لَّا تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍۢ شَيْـًٔا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ إن العبد إذا مات صحبه أهله وماله وعمله. فإذا وضع في قبره رجع أهله وماله وبقي عمله فاختروا لأنفسكم ما يؤنسكم في قبوركم رحمكم الله. ثم لا يزال يفعل ذلك في مربعة مربعة حتى يأتي مصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يمضي إلى الجمعة فلا يخرج إلا للطهور حتى يصلي العشاء الأخيرة. 

حيان بن خيثم المجنون

قال عطاء السلمي: مررت ببعض أصدقائي ظاهر البلد فناداني وسألني ان أبر قسمة وناولني سكرًا وسمنًا ونشاًءً وقال اصلحه لي. فأمرت من أصلحه. ثم أخذته تحت كسائي أمر به إليه، إذا أنا بحيان بن خيثم المجنون فقال ما معك ؟ فقلت شيء اصلحته لبعض رفقائي. فقال اكشف عنه فكشفت فقال ارفعه فان نفوسنا نفرت من أن تأكله. قلت فما تريد ؟ قال فالوذج العارفين قلت وما هو ؟ قال خذ قند الصفا. وسمن البها. وزعفران الرضا. وماء المراقبة. وانصب طنجير القلق. وأوقد تحتها حطب الحرق. واعقده باصطام الحياء. ونار الشوق. حتى يزيد زبد الصبر. وترغو رغوة التوكل. ثم ابسط على صحاف الأنس. ثم كله.

قلت فإذا أكلته. قال تضج أوجاع القلوب إلى مداويها. وتشكو ألم الضمير إلى مبليها. وتبكي العيون عن محبة مبكيها شوقًا إلى تأنسه محبتها. ثم أنشد فقال: 

فهام بحب الل ّه في القفر سابحًا
وحطت على سوق القدوم رواحله
نهاه النهى فارتاح للخوف باطنه
وخاف وعيذ الل ّه فالحق شاغله
فلما جرى في القلب ماء يقينه
فأنبت زرعًا لم تجف سنابله
طوى دهره بالصوم حتى كأنما
عليه يمينٌ إنه لا يزايله