صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/101

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لنفسك فإنك وعمر لتسألان عما خولكما االله. قال ودعا هارون بمئة دينار فقال ادفعوها إلى أبي نصر. فقال أبو نصر ما أنا إلا رجل من أهل الصفة فادفعوها إلى فلان يفرقها بينهم. ويجعلني رجلاً منهم.

قال ابن أبي فديك أجدبت المدينة في سنة واشتد حال أهلها وانكشف حال قوم كانوا مستورين بها.

فخرجوا يدعون وإذا أبو نصر جالس. قد نكس رأسه فقلت يا أبا نصر ! أما ترى ما في أهل حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال بلى. قلت أفلا تدعو ؟ لعل الله ان يفرج عنهم. قال بلى. وحول وجهه إلى القبلة. وقال اجلس بجنبي فجلست. فانكب وعفر وجهه في التراب. ثم رفع رأسه وقال: يا فارج الهم.

وكاشف الغم. ومجيب دعوة المضطرين. رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما. صلى الله عليه وآله وسلم على محمد وعلى آل محمد. وفرج ما أصبح فيه أهل حرم نبيك. ثم غلب فذهب. فقمت من عنده فوالله ما خرجت من السوق حتى رأيت الشمس قد تغطت. فرفعت رأسي فإذا رجل1 من جراد أرى سوادهن في الهواء فما زلن يسقطن وأنا واقف انظر حتى ملأت المدينة. فاشتغل كل قوم ما في دارهم من الجراد فحشوا الأجواب وطحنوا وملحوا وملأ الناس الجرار والجناب2 والقواصير والبواقي جانب بيوتهم. ثم باض بعد ثلاثة أيام فانتشر في أعراض المدينة لم يخرج منها إلى غيرها ثم ما مرت بنا ثلاثة إلى أن جاءنا عشر سفاين إلى التجار فإذا هي في الوقت الذي دعا فيه أبو نصر. فرجع السعر إلى أرخص ما كان. ورجعت حال الناس إلى أحسن ما كانت. فأتيت أبا نصر وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت يا أبا نصر ! ألا ترى إلى بركة دعائك ؟ فقال لا آله إلا الله هذه رحمة الله التي وسعت كل شيء. وقال ابن أبي فديك كان أبو نصر يخرج كل جمعة فيدخل السوق فيقف على مربعة. مربعة.


  1. القطعة العظيمة من الجراد .
  2. الجناب = الفناء .