صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/100

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أبو نصر الجهني1

قال ابن أبي فديك كان عندنا رجل يكنى أبا نصر من جهينة ذاهب العقل. وكان يجلس مع أهل الصفة في

آخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان إذا سئل عن شيء أجاب. فأتيته ذات يوم ودفعت إليه شيئًا كان معي. فقال قد صادفت منا حاجة. فقلت يا أبا نصر ! ما الشرف؟ قال حمل ما ناب العشيرة أدناها وأقصاها. والقبول من محسنها. والتجاوز عن مسيئها. قلت فما المروءة ؟ قال إطعام الطعام. وإفشاء السلام. وتوقي الأدناس والآثام. قلت فما السخاء ؟ قال جهد المقل. قلت فما البخل ؟ قال ُأف. وحول وجهه عني. قلت لم ؟ قال لا تجيبني قلت قد أجبتك. 

قال ابن أبي فديك قدم علينا يومًا هارون الرشيد سنة ثلاث2 فأخلى له المسجد فوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى منبره. وفي موقف جبريل عليه السلام. واعتنق اسطوانة التربة. ثم قال قفوا بي على أهل الصفة فلما أتاهم حرك أبو نصر وقيل له هذا أمير المؤمنين. فرفع رأسه إليه وقال أيها الرجل إنه ليس بين عباد الله وأُمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينك وبين رعيتك وبين الله خلق غيرك. وإن الله سائلك عنهم فأعد للمسألة جوابًا. فقد قال عمر بن الخطاب لو ضاعت سخلة على شاطيء الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة. فبكى هارون. ثم قال يا أبا نصر ؟ إن رعيتي ودهري غير رعية عمر ودهره. قال دع عنك هذا. والله غير مغن عنك فانظر


  1. هو ابو نصر الجهني -- كان مقيم بالمدينة ، وكان يطيل السكوت فاذا سئل أجاب بخواب حسن . و تكلم بكلمات مفيدة . تؤخذ عنه وتكتب توفي سنة ١٩٤ هجرية اهـ . ( طبقات الأولياء )
  2. لعل ثلاث وسبعون ومئة .