صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.


محمد الصديق


عطوف ودود

اذا كان الرجل محبا للناس ، أهلا لحبهم اياه ، فقد تمت له أداة الصداقة من طرفيها . وانما تتم له أداة الصداقة بمقدار ما رزق من سعة العاطفة الانسانية و من سلامة الذوق ، ومتانة الخلق ، وطبيعة الوفاء يحب الناس ليحبوه ، لأنه قد يحبهم وفي ذوقه نقص ينفر هم منه ويزهدهم في حبه ولا يكفي أن يكون محبا سليم الذوق ليبلغ من الصداقة مبلغها فقد يكون محیا محبوبا حسن الذوق ثم يكون نصيبه من الخلق المتين والطبع الوفي نزرا (۱) ضعيفا لا تدوم علیه صداقة ، ولا تستقر عليه علاقة : انما تتم أداة الصداقة بالعاطفة الحية والذوق السليم ، والخلق المتين ، وقد كان محمد في هذه الخصال جميعا مثلا عاليا بين صفوة خلق الله . كان عطوفا ير أم (۲) من حوله و يودهم ويدوم لهم على المودة طول حياته ، وان تفاوت ما بينه و بينهم من سن وعرق (۳) ومقام :۰۰ .. كان صبا في الثانية عشرة سافر عمه ، فتعلق به حتى أشفق العم أن يتر که وحده فاصطحبه في سفره وكان شيخا قارب الستين يوم بكي على قبر أمه بكاء لا ينسی وليس في سجل المودة الانسانية أجمل ولا أكره من حنانه على مرضعته حليمة ومن حفاوته بها وقد جاوز الأربعين ، فيلقاها هاتفا بها : أمي ! أمي ! ويفرش لها رداءه ويمسر ثديها بيده ۰۰ ا- قليلا ۲- أي يرحم ۳ - أمل • 41