صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

والطواعية واجتناب القسر 1 والاكراه . فهذه « أولا » بعثة منفردة لا سبيل الى الاكراه الفعال بين رجالها اذا أريد.. وهي « ثانيا » بعثة استطلاع لا يغني فيهـا عمـل الكاره المقسور2، وألزم ما يلزم العامل فيها ايمانه وصدق نيته وحسن مودته لمن أرسلوه ، فان أعوزته 3 هذه الصفة فقد أعوزه كل شيء.

أما غرض البعثة كلها وهو الاستطلاع فقد كان النبي عليه السلام عليما بمزاياه ، معنيا به غاية العناية ، يحسب العدو المجهول كالعدو المستتر بأسوار الحصون، في حمى من الجهل به قد يحول دون الاستعداد له بالعدة الضرورية في الوقت الضروري، ويحول من ثم دون الانتصار عليه.

و نحن نكتب هذه الفصول والحرب الروسية تذكرنا كيـف اصيب نابليون في هذا الميدان حين أصيب في وسائل الاستطلاع، ثم تذكرنا كيف تكررت هذه الغلطة بعينها على نوع من المشابهة بين غزوة نابليون في روسيا امس وغزوة هتلر لتلك البلاد اليوم.

فمن أسباب هزيمة نابليون : اهماله النصائح التي سمعها في مجلس الحرب من بعض الثقات قبل التوغل في الحرب الروسية ، لاعتقاده خطا أن القيصر سيطلب صلحه بعد أسابيع.

ومن أسباب تلك الهزيمة : أن الروس كانوا يتراجعون أمامه تحت جنح الظلام ويخلون المدن والطرقات حتى لا يرى فيهـا ديارا4 يسأله عن مكان الجيش المتراجع أو يلتقط من خلال أجوبته ما يعينه على لاستطلاع الذي كان شديد التعويل عليه.

اما هتلر فقد أتي من قبل هذين النقصين كما أتى من قبله من هو أعظم منه وأولى بالتحرز5 والأناة6. فقد اشتهر أنه كان في مجلس الحرب على خلاف مع قواده الثقات الذين علموا من شأن الروس ما ليس له به علم..

واشتهر أنه أخطأ في استطلاع أخبار القوم، اذ خيل اليه أن الشعب الروسي يتحفز للثورة، ويترقب لاغارة عليه لنصرة


  1. الجبر
  2. المجبر
  3. اي فقدها في نفسه
  4. اهدا في دار
  5. التوقي
  6. عدم التسرع
٤٣