صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/42

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

فقد عرف أن هتلر يعتمد على أفراد من جنده يهبطون من الطيارات وراء الصفوف، فيتسللون الى مراكز المواصلات ويعيثون1 بين القرى المعزولة، فيشيعون فيها الرعب والخيرة ويوهمون من يراهم أن الجيش المغير كله على مقربة منهم فلا جدوى لهم من الاستغاثة أو المقاومة، ويحمل معظم هؤلاء الرواد المتقدمين أجهزة للمخاطبة يستعينون بها على الاتصال برؤسائهم من بعيد .. قيل في الاعجاب بهذه الخطة الهتلرية كثير ، وقيل في انتقادها والتنبيه الى خطرها كثير.

فمن دواعي الاعجاب بها أنها أفادت في قطع المواصلات واشاعة الذعر وتضليل المدافعين، وانها شيء جديد في شكله وان لم يكن جديدا في غايته ومرماه.

ومن أسباب انتقادها أن كل فائدة فيها تتوقف على العقيدة وحسن النية، فهي تستلزم أن يكون الرائد غيورا على عمله متحمسا لانجازه رقيبا على نفسه وهو بمعزل عن رقبائه، فليس أيسر له اذا هو انفرد وأعوزته2 الرغبة في انجاز عمله من أن يستأسر 3 في أول مكان يصل اليه من بلاد الأعداء، طلبا للسلامة، ولا عقاب عليه إلى نهاية القتال. ثم يتعلل بما شاء من المعاذير ذلك من يحاسبه ويعاقبـه، وهيهات أن تستجمع الأدلة عليه في أمثال هذه الفوضى بين معسكرين أو عدة معسكرات.

فالخطة الهتلرية فاشلة لا محالة ان لم ينفذها مريدون متعصبون غير مكرهين ولا متشككين فيما هو موكول اليهم ، وهي لهذا أحرى أن تحسب من وحي اخوان الطريق والهام العقائد لا من النظام الذي يدرب عليه كل جيش ويصلح لجميع الجنود، فلولا أن النازيين قضوا قبل الحرب الحاضرة زهاء عشر سنين ينفخون في نفوس الناشئة جذوة 4 البغضاء ويلبهو نهم بحماسة العقيدة، ويخلقون فيهم اللدد5 الذي يغني عن الرقابة ساعة التنفيذ، لحبطت6 الخطة كل الحبوط وانقلبت على النازيين شر انقلاب.

وها هنا تتجلى حكمة النبي عليه السلام في اشتراط الرغبة


  1. يفسدون ويخربون
  2. أعوزه الشيء : إذا احتاج اليه فلم يقدر عليه
  3. أي يفضل الاسر ويطلبه
  4. الجذوة، الحجرة
  5. شدة الخصومة
  6. بطلت وفشلت
٤٢