صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومثله قوله عن الطاووس: «ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل • نضد ألوانه في أحسن تنضيد ، بجناح أشرج قصبه وذنب أطال سحبه ، اذا درج الى الأنثى نشره من طيه ، وسما به مظلا على رأسه . وقـد ينحسر من ريشه ويعرى من لباسه فيسقط تترى وينبت تباعا ، فينحت من قصبة نحتـات أوراق الأغصان ، ثم يتلاصق ثانيا حتى يعود كهيئته قبل سقوطه لا يخالف سالف ألوانه ولا يقع لون في غير مكانه».

ونحن لا نستغرب ابتداء هـذا النمط من النظر الفلسفي على نحو من الأنحاء في عصر الامام علي رضي الله عنه . لأنه كان عهدا نبتت فيـه أصول الفرق الاسلامية جميعاً من الخوارج والشيعة والقائلين بالرجعة و تناسخ الأرواح والمجتهدين في قراءة القرآن وتفسيره على شتى المذاهب . فاقرب شيء إلى المعقول أن يكون أمام العصر كله قدوة في الاجتهـاد والنظر وعنوانا للنوازع التي تفرقت بين أهل زمانه وتعبيرا صادقا لتفكيره ووعيه ، وصاحب أقوال من قبيل هذه الأقوال التي قدمناها وان لم تكن هي اياها بالنص والتفصيل .

ويستقيم مع هذا التقدير أن يكون الامام على سجيته مؤثرا للاجتهاد ما استطاعه ، معرضا عن التقليد ما استغنى عنه ، فوافق الخلفاء من قبله في أمور وخالفهم في أمور ، وأبى أن يأتم بعملهم فيها يراه وما لا يراه ، وأوصى ابنه الحسن وقد بلغ الستين فقال : « .. اعلم يا بني ان أحب ما

أنت آخذ به الي من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك

–٥٠–