صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

صدر منه حقا حتى جاز أن يتصل النسب بينه وبين أئمة التوحيد وعلم الكلام على النحو الذي تواترت به الاقوال ، وأجمله ابن أبي الحديد فيها تقـدم . .

***

ولنا أن نقول أنه كان رضي الله عنه يتتلمذ القرآن الكريم ويستوحيه نصا في عرفان اسلامه وتقرير ايمانه . فكانت نظرته الى الخلق والخالق نظرة قرآنية يبتكر مـا شاء ابتكار التلميذ في الحكاية عن الأستاذ ، فكلامه عن الطاووس والخفاش والزرع والسحاب انمـا هو الدرس القرآني الذي وعاه من أمر الكتاب بالنظر في المخلوقات ووصف الكتاب لطوائف منها كالنمل والنحل والطير والأجنة في الأرحام . فهو تلميذ ربه جل وعلا في قوله عن الخفـــاش : « من لطائف صنعته وعجائب حكمته ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء ويبسطها الظلام القابض لكل حي ، وكيف غشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها .. فسبحان من جعل الليل لها نهاراً ومعاشاً . والنهار لها سكنا وقرارا ، وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة الى الطيران كانها شظايا الآذان ، غير ذوات ريش ولا قصب .. تطير وولدهـا لاصق بها لاجيء إليها، يقع اذا وقعت، ويرتفع اذا ارتفعت، لا يفارقها حتى تشتد أركانه ، ويحمله للنهوض جناحه، ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه، فسبحان

الباريء لكل شيء على غير مثال خلاف غيره» .

–٤٩–
عبقرية الامام علي (٤)