انتقل إلى جوار بليموث وشرع يعمل في حرفة السكافة. وبينما هو هناك أوشك أنْ يهلك بسبب التهريب من الجمرك وقد حملهُ على ارتكاب ذلك محبة اقتحام المخاطر وانتظار الربح لأنهُ لم يكن يحصِّل بحرفتهِ أكثر من ثمانية شلنات في الأسبوع. أمَّا تفصيل هذه الحادثة فكما ترى. بلغهُ مرة أنَّ سفينة تجارية أقبلت وقاربت البر فهرع جميع الرجال الذين صناعتهم تهريب البضائع في فريقين فريق بقي على الشاطئ لينذر بالخطر ويستلم البضائع وفريق ركب القوارب التي كانت هناك وبينهم درو وكانت الظلمة حالكة جدًّا. وقبل أنْ أنزلوا قسماً كبيراً من الشحن عصفت الرياح وتعالت الأمواج إلَّا أنهم كانوا معتادين اقتحام المخاطر فلم يرعهم ذلك بل عزموا على تفريغ الشحن كلهِ. وفيما هم كذلك أطارت الريح قبع أحد رجال القارب الذي فيهِ درو فمال لكي يمسكهُ ففُقدَت موازنة القارب وقُلِب فغرق ثلاثة من رجالهِ وامسك الباقون بهِ ولكنهم وجدوا أنهُ أخذ في التوغل بهم في البحر فتركوهُ وشرعوا في السباحة وبينهم وبين الشاطئ نحو ميلين. وبعد ثلاث ساعات وصل درو إلى صخر بجانب الشاطئ مع ثلاثة من رفاقهِ وبقوا عليهِ إلى الصباح حتى كادوا يموتون برداً. فعلم بمكانهم بعض رفقائهم فأتوا إليهم وسقوهم شيئاً من البرندي الذي هرَّبوه فأفاقوا
إلا إنَّ هذا الإسكاف الذي شبَّ على السرقة وتهريب البضائع صار مبشراً فاضلًا ومؤلفاً بارعاً وهاك تفصيل ذلك: لمَّا سمع أبوهُ بما هو عليهِ أرجعهُ إلى بيتهِ فصار يسمع مواعظ الدكتور آدم كلرك، فأثَّرت فيهِ تأثيراً شديداً ثم مات أخوهُ فزاد موتهُ في تحويل أفكارهِ عن الجهل والطيش إلى التعقل والرزانة. وكان قد نسي ما تعلمهُ في صغرهِ من القراءة والكتابة فأخذ يدرس باجتهاد وثبات وبعد تعب سنين عديدة أتقن القراءة والكتابة بعض الإتقان ثم أخذ يطالع الكتب الكثيرة ويقتبس ما فيها من الفوائد. وممَّا قالهُ عن حالهِ حينئذٍ