صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۷٣
الفصل الرابع

الإنسان علماً قلَّ اعتدادهُ بنفسهِ. قيل إنَّ أحد الطلبة ذهب إلى أستاذهِ واستأذنهُ في الانصراف قائلاً على أنهُ أكمل علمهُ أجابهُ الأستاذ إني أرى عجباً في ما تقول لأنني أنا أراني قد ابتدأْت بالعلم الآن. ومن لم يرتشف إلَّا اليسير من بحار المعارف عدَّ نفسهُ قد بلغ من الحكمة أقصاها وأمَّا الحكيم الحقيقي فيقر أنه لا يعرف شيئاً أو يقول كما قال نيوتن إنهُ جامع أصداف على شاطئ بحر الحقائق.

وبين المؤلفين الذين يُعَدُّون من الطبقة الثانية كثيرون يُضرَب بهم المثل في الثبات والاجتهاد منهم جون برتون مؤلف كتاب «محاسن إنكلترا وولس» وكتب اخرى في فن البناءِ فإنهُ وُلد في كوخ حقير في كنستون وكان أبوه خبَّازاً فجُنَّ بسبب خسارة مالية اصابتهُ حينما كان ابنهُ صغيراً فوُضع عند عمه وهو صاحب خان فبقي عندهُ أكثر من خمس سنوات وعملهُ صب الخمر في القناني وساءت صحتهُ فتركه عمهُ ليهيم على وجههِ وفي جيبهِ جنيهان فقط وهما أجرة السنوات الخمس التي خدمه فيها. فمضى عليهِ وهو على هذه الحال سبع سنوات قاسى فيها مشقات لا تُوصَف إلَّا أنهُ سعى وراءَ المعرفة فنال منها الحظ الأوفر. قال في تاريخ حياتهِ «إنني كنتُ نازلًا في منزل حقير ولم أقدر أنْ أشتري وقوداً في ليالي الشتاءِ فكنتُ أدرس وأنا في فراشي». ثم سافر إلى باث ماشياً وبعد أنْ أقام فيها برهة رجع إلى لندن حافياً لا قميص على بدنهِ. ثم وجد عملًا في حان لندن وكان هذا العمل في دهليز تحت الأرض فأثَّر في صحته تأثيراً شديداً لأنهُ كان يعمل فيهِ عملًا شاقًّا ثماني عشرة ساعة كلَّ يوم فتركهُ ودخل كاتباً عند محام وكان يأخذ خمسة عشر شلناً كلَّ أسبوع لأنهُ كان قد أتقن الخط فصار يتردّد على مخازن الكتب في ساعات الفراغ ويقرأ ما لا يستطيع ابتياعهُ من الكتب. فاقتطف كثيراً من ثمار المعرفة ولما دخل في الثامنة والعشرين من العمر كتب كتاباً سماهُ مساعي بيزارو ومن ثمَّ عكف