صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/80

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۷٢
في المزاولة والثبات

فعكف على الدرس والمطالعة. وكان إذا أراد ابتياع كتاب يجهد نفسهُ بنسخ مئَة صفحة أو أكثر فوق المطلوب منهُ فيشتري بأجرتها الكتاب المذكور

وبعد أنْ تقدم في السن والشهرة كان يفتخر بكونهِ كثير العمل ويناقض القائلين إنَّ أهل المواهب الفائقة لا يُضطَرون إلى إتمام الأعمال العادية وجزم أنَّ القوى العقلية تقوى بتعاطي الأعمال. ولما دخل محكمة أيدنبرج كاتباً كان يصنف كلَّ ما يريد تصنيفهُ من نظم ونثر قبلما يفطر ويقيم بقية النهار في المحكمة والظاهر أنهُ كان يشتغل نصف وقته فقط في التصنيف والنصف الآخر في القيام بواجبات منصبهِ لأنهُ حكم على نفسه أنْ يحصل معيشتهُ مما يعملهُ لا مما يؤلفه. وقال ذات مرة إني عقدت قلبي على أنْ أجعل التأليف قضيباً أمسكهُ بيدي والعمل عكازاً أتوكأ عليهِ وأن لا أعتمد في معيشتي على ما أربحهُ من التأليف ولو كان كثيراً

وكان التدقيق في حفظ الوقت ملكة راسخة فيهِ ولولاهُ ما أمكنهُ أنْ يصنِّف كلَّ ما صنفهُ فقد آلى على نفسهِ أنْ يجيب عن كل كتاب يرد إليهِ في اليوم الذي يرد فيهِ ما لم يكن فيهِ شيءٌ يقتضي تأخير الجواب ولولا ذلك ما أمكنه أنْ يجيب الرسائل الكثيرة التي كانت تَرِد عليهِ. فكان ينهض من فراشه الساعة الخامسة أي قبل الظهر بسبع ساعات فيقضي ساعة في الحلاقة واللبس ويجلس في مكتبه الساعة السادسة وأوراقهُ وكتبهُ مرتبة أمامهُ أكمل ترتيب فيأخذ في أشغالهِ إلى أنْ يجتمع أهل بيتهِ للفطور بين الساعة التاسعة والعاشرة. ومع كلِّ جدهِ واجتهادهِ وعلمهِ الجزيل الذي هو نتيجة درس سنين كثيرة لم يكن فيهِ شيءٌ من الغرور بل كان يقول إنَّ جهلهُ كان يعربسهُ في كلِّ عمل أخذ فيهِ

وهذه هي الحكمة الحقيقية والاتضاع الحقيقي لأنهُ كلما زاد