انتقل إلى المحتوى

صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/79

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الفصل الرابع
۷١

في كلِّ يوم يوقظهُ فيهِ قبل الساعة السادسة صباحاً. إلَّا أنهُ كان عندما يدعوهُ الخادم للقيام يدَّعي أنهُ مريض أو يظهر الغضب فلما رأى الخادم أنهُ لم يربح شيئاً سوى التوبيخ عزم على أنْ يكسب الريال على أي حال فألح عليهِ يوماً أنْ يقوم فلم يقم فأتى بماءِ مثلج وسكبهُ في فراشهِ فنهض حالًا فلما رأى الخادم أنهُ نجح بهذه الواسطة واظب على استعمالها إلى أنْ اعتاد سيده على القيام الباكر. وكان يقول إنهُ مديون لخادمه بثلاثة أو أربعة مجلدات من كتابه في التاريخ الطبيعي.

وبقي هذا العلَّامة يشتغل في الدرس والتأليف إحدى عشرة ساعة كلَّ يوم مدة أربعين سنة إلى أنْ صار الشغل ملكة راسخة فيهِ قال مؤرخ حياتهِ «إنَّ الشغل من لوازمه والدرس من لذات حياتهِ» ولم يكن يتعب من تهذيب كتاباتهِ فكان ينقحها مراراً كثيرة لكي يجعل عبارتهُ بسيطة طلية. ومن كتبهِ ما كتبهُ إحدى عشرة مرةً قبلما حسبهُ أهلًا للنشر. وكان مع علوِّ همته كثير الترتيب والتدقيق. ومن قولهِ إنَّ القريحة بلا ترتيب تخسر ثلاثة أرباع قوتها. وكل ما حصَّلهُ إنما حصله بتعبهِ واجتهادهِ. قالت مدام نكر إنَّ بيفون كان يقول إنَّ ما يُدعَى قريحة ليس إلَّا حصر الفكر في موضوع واحد وإنهُ كان يملُّ عندما يؤلف شيئاً ولكنهُ كان يعيد نظرهُ على ما ألفهُ ثم يعيده ثانيةً وثالثة فيجد في تنقيحهِ وتهذيبهِ لذَّةً عوضاً عن الملل. ومن المعلوم أنهُ ألف كلَّ ما ألفهُ وبهِ داءٌ أليم من أشد الأدواء المُعرَّض لها الجسم الإنساني والله در من قال

أخلِق بذي الصبر أنْ يحظى بحاجتهِ
ومدمن القرع للأبواب أنْ يلجا

وبين الشعراءِ والأدباءِ رجال كثيرون يُتَّخذون أمثلة على الثبات والمواظبة منهم السر ولتر سكوت الشاعر الأسكتسي الشهير الذي تمرَّن على العمل وهو كاتب بل ناسخ عند محام وكان عملهُ على نسق واحد فسئمهُ وكان مرتبطاً بهِ في النهار وحرًّا ليعمل ما يشاءُ في المساء