وكان يعمل فيها رجال قلائل فقراء الحال وأكثرهم في حالة يرثى لها من الجهل والمسكنة صار نيف وعشرون ألف شخص يتعيشون منها مباشرة هذا فضلًا عن عدد لا يُحصَى من الحفَّارين والفحَّامين والذين ينقلون الآنية برّاً وبحراً والذين يتجرون بها. وكان يرتئي أنَّ هذه الصناعة لم تزل في طفوليتها وأنَّ ما أصلحهُ فيها لا يحسب شيئاً في جنب ما تحتملهُ من الإصلاح بتقدُّم صنَّاع الانكليز واجتهادهم وتنشيط دولتهم لهم. وقد تحقق قولهُ تماماً والشاهد على ذلك أنه صدر من بلادهم سنة ١٨٥٢ ما ينيف على أربعة وثمانين ألف ألف إناء خزف وهذا التقدم العظيم لا يُحسَب شيئاً إذا قوبل بتقدم الصنَّاع أخلاقاً وآداباً لأنه لما باشر ودجود عملهُ في ستفوردشير كانت ستفوردشير في الحالة الهمجيَّة وكان أهلوها قلال العدد فقراءَ أغبياءَ وحالما توطدت معاملهُ صار فيها عمل كافٍ لثلاثة أمثالهم بأجرة عالية وتحسنت أخلاقهم وآدابهم بمواظبتهم على عملهم.
فهؤلاء الرجال أي بالسي وبتغر وودجود وأمثالهم خليقون بأن يُدعَوا قادة أهل الصناعة بل جبابرة التمدن لأن صبرهم وثباتهم في وسط التجارب والمصاعب وشجاعتهم وجَلَدهم في مساعيهم المجيدة ليست أقل من بسالة الجنود الذين يقوم مجدهم بالمدافعة عمَّا عملهُ أرباب الصنائع.