صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤١
الفصل الثاني

والأدوات لتكون مرشداً لجكار في عمل نوله. ومن أهم أجزائها أُسطوانة ذات ثقوب إذا أُدِيرت حركت إبراً حركات معلومة بواسطة ثقوبها وفرَّقت السدي على نوعٍ يجعل رسماً معلوماً. فلما رأى جكار هذه الآلة طار فرحاً وأخذ من ساعتهِ في إصلاحها بهمة مخترع حقيقي فأكمل إصلاحها في أقل من شهر وزاد عليها قطعة من الكرتون مثقوبة ثقوباً كثيرة تدخل فيها الأسدية وآلة أخرى تري الحائك لون الوشيعة التي طرحها في النول فاستغنى بذلك عن واحد يسحب الخيوط وآخر يقرأ الرسوم. وأهدى أوَّل قطعة نسجها للإمبراطورة جوزفين زوجة نبوليون بونابارت فسُرَّ نبوليون بها سروراً عظيماً وأمر أحذق الصنَّاع أنْ يصنعوا عدداً من الأنوال حسب مثال جكار وأهداها إليه فأخذها ورجع إلى ليون. فصادف في ليون ما لا بُدَّ منه لكلِّ مخترع. فإن صناعها حسبوا نولهُ عدوًّا يقطع رزقهم فتجمعوا وعزموا أنْ يقتلوهُ ويلاشوا آلاتهِ فجرُّوه إلى النهر ليغرقوهُ لكن التقادير ساعدتهُ فنجا من أيديهم.

ولم يمضِ وقت طويل حتى عُرف فضل نولِه وألحَّ عليه حاكة الحرير بإنكلترا أنْ يأتي ويسكن في بلادهم ولكنه أبى ذلك حبًّا بوطنهِ. إلَّا أنَّ الحاكة الإنكليز استعملوا نولهُ واعتمدوا عليهِ فرأى ذلك أهل ليون وعلموا أنَّ الإنكليز غالبوهم لا محالة فأقبلوا على نول جكار برغبة شديدة واستعملوهُ لكل المنسوجات تقريباً وثبت لهم أنَّ خوفهم من انحطاط أجور الصنَّاع كان في غير محلهِ لأن هذا النول زاد أعمال الصنَّاع عشرة أضعاف وكان في ليون وحدها سنة ١٨٣٣ ستون ألف عامل بحسب تعديل مسيو ليون فوشه ثم زاد عن ذلك كثيراً.

وعاش جكار بعد ذلك بالهدوء والسكينة محبوباً من الجميع. والعَمَال الذين جرُّوهُ قبلًا ليغرقوهُ اجتهدوا لكي يحملوهُ يوم عيد ميلاده ويطوفوا بهِ الطريق التي جرُّوهُ فيها قبلًا فلم يجبهم إلى ذلك تواضعًا