درجة رفيعة من الإتقان فصارت لهُ السلطة المطلقة على هذه البضاعة وصار يحدد ثمنها كما يشاء.
وكان أركريت من أمضى الناس عزيمة وأكثرهم إقداماً وأقواهم جَلَداً فتراكمت عليه الأعمال حتى كان يضطر أنْ يعمل من الساعة الرابعة صباحاً إلى الساعة التاسعة مساءً أي من قبل الظهر بتسع ساعات إلى تسع بعدهُ ولما صار لهُ خمسون سنة من العمر شرع في درس النحو وتصليح خطهِ وتهجئة فغلب كلَّ المصاعب التي قامت في وجهه واجتنى ثمار أتعابه ولم يمضِ عليه ثماني عشرة سنة صنع آلته الأولى حتى بلغ درجة سامية من المجد والجاه في عيون أهل بلاده حاكماً لمقاطعة دربيشير وبعد مدة أنعم عليه الملك جورج الثالث بلقب الفارس. وكانت وفاتهُ في سنة ١٧٩٢. ومهما كانت مقاصدهُ فلا يُشَك في أنهُ أقام في البلاد الإنكليزية صناعة أكسبتها غنًى وافراً.
وإذا التفتنا إلى بقية أنواع الصناعات التي أغنت الأمة الإنكليزية رأينا أنها ابتدأت على يد أناس من العملَة والصنَّاع مثل بيت سترت وبلبر وتنت ومرشل وغت وبيل وأنسورث الذين قام من خلفائهم رجال كثيرون اشتهروا في السياسة مثل بيت بيل. وهذا البيت الشهير أي بيت بيل نشأ نحو أواخر القرن الثامن عشر ومُنشِئه فلاح اسمهُ روبرت بيل من مكان قرب بلكبرن. وكانت بلكبرن والضياع المجاورة لها مشهورة بنسج المنسوجات من القطن والكتان وكان من عادة الفلاحين أنْ يستعملوا الحياكة في أوقات الفراغ من عملٍ الحقول لأن الزراعة لم تكن تأتي بما يكفيهم فوضع روبرت بيل نولًا في بيتهِ وكان أميناً مجتهداً فأفلح. وهو أول من استعمل أسطوانة الندف المخترعة حديثاً.
وكانت أفكاره متجهة إلى كيفية طبع الأنسجة لأن هذه الصناعة لم تكن شائعة حينئذ وكانت الأطعمة تُسكَب في صحاف من معدن فرسم صورة على صحفة من هذه الصحاف وخطر على باله أنْ يطبع بها