اختلاف بقية قوى العقل.
رَضَع وط العلومَ مع اللبنِ لأن أباه كان يصنع آلات فلسفيَّة وفلكيَّة وكان في دكانه كثير من الأرباع1 فنبهت ابنهُ إلى درس علم البصريات والهيئة وكان جسمهُ نحيفاً فحملهُ ذلك على درس علم الفسيولوجيا. وكان يحب الجَوَلان في القفار فقادهُ ذلك على درس النبات والتاريخ. وطُلِب منهُ مرةً أنْ يصنع أرغناً لأنه احترف حرفة أبيه — عمل الآلات الرياضية — ولم يكن يعرف علم الإيقاع فدرسهُ باجتهاد وصنع الأرغن المطلوب فجاء بديع الإتقان. وطُلب منه ذات يوم أنْ يصلح مثالًا من آلة نيوكمن البخارية لمدرسة غلاسكو الكلية فاكبَّ على درس كلِّ ما كان يُعرَف حينئذٍ من نواميس الحرارة والبخار واصطناع الآلات الميكانيكية وظهرت نتيجة درسِه اخيراً في الآلة البخارية المكثفة التي صنعها.
قضى في صنع هذه الآلة عشر سنوات وهو بين مكتشف ومخترع ولا نتيجة تسرهُ ولا صديق ينشطهُ. وكان يحصِّل ما يقوم بنفقاتهِ ونفقات أهلهِ من اصطناع الأرباع والأعواد وغيرها من آلات الطرب. ومارس أيضاً فن مساحة الأراضي وتخطيط الطرق وإدارة حفر التُّرَع وكل ما يعود عليه بالربح. ثم وجد مُعيناً لهُ رجلًا حاذقاً نشيطاً محبّاً للاختراع يُسمَّى بُلْتُن. فاخذ هذا على نفسه استخدام آلة وط لتحريك الآلات المختلفة. ثم تداولت هذه الآلة أيدي المخترعين فزادوا عليها وأصلحوا فيها كثيراً إلى أنْ جعلوها صالحة لكل الأعمال تقريباً وهي الآن تدير الآلات وتُسيِّر السفن وتطحن الحبوب وتطبع الكتب وتسكُّ النقود وتطرّق الحديد وترفع الأثقال وتنسج الأقمشة وتحرث الأراضي وتعمل كلَّ عملٍ يُحتاج فيه إلى قوة. ومن أفضل التحسينات فيها جعلها صالحة لسير المركبات البريَّة وهذا شرع
- ↑ نوع من الآلات الفلكية