صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١٠٤
الفصل الخامس

فشغف بهذا الموضوع حتى لم يعد يفتكر ولم يعد يتكلم إلا بهِ. فصار إذا حضر حفر الترع أو جز الغنم أو غير ذلك من الأعمال يطرق هذا الموضوع ويفيض فيهِ فلُقِّب سمث الطبقات. ومع هذا كله بقي مجهولًا لدى رجال العلم. ثم أخذ في عمل خريطة لإنكلترا حسب ترتيب طبقاتها. ولم ينفك عن البحث والتنقيب والمراقبة حتى صار يعرف بناء طبقات الأرض من هيئتها الظاهرة وصار الناس يستشيرونهُ في نزح مياه الأرض واشتُهر بذلك شهرة فائقة

وحدث ذات يوم أنهُ اطَّلع على مجموع الأحافير الذي جمعهُ القس صموئيل رتشردسن في باث فقلب ترتيبهُ ورتبهُ ترتيباً آخر قائلًا إنَّ هذه الأصداف خرجت من الطبقة الفلانية وتلك من الطبقة الفلانية فانذهل القس المشار إليه كلَّ الانذهال وصَدَّقَ قول سمث وصار من أنصارهِ. إلَّا أنَّ جيولوجي العصر لم يقبلوا آراءهُ بل لم يريدوا أنْ يعرفوا أنَّ مساحاً خامل الذكر يقوم ويعلمهم علم الجيولوجيا وكانوا يجهلون أنَّ له عيناً حادة البصر تخترق طبقات الأرض وتكشف خفياتها كيف لا وقد أملى مرة على رتشردسن شرح ثلاث وعشرين طبقة متوالية وما فيها من الأحافير فكتب رتشردسن ذلك وطبعه سنة ١۸٠١

ثم شرح في فحص الأراضي التي تبعد عن باث حسبما سمحت لهُ وسائطه فجال سنين عديدة وهو يعتاض بسرى الليل عمَّا يضيع من سير النهار وكان إذا دُعي إلى أماكن بعيدة لعمل مساحي يعتسف عن الطريق لكي يلاحظ صفات الأرض الجيولوجية. وبقي سنين عديدة يسافر من مكان إلى آخر في إنكلترا وأيرلندا. وكان يقطع أكثر من عشرة آلاف ميل سنويًّا وفي كلِّ ذلك لم يدع أمراً يتخطى عينيهِ مهما كان طفيفاً بدون أنْ يمعن فيهِ نظرهُ ولم يترك فرصة تذهب سدًى وتظهر سعة معرفتهِ الجيولوجية من القصة الآتية وهي أنهُ كان مارًّا ذات يوم بقرب تلال طباشيرية فقال لرفاقه إذا رأينا أرضاً