صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٩٤
الفصل الخامس

أضاعها حتى يزيد اجتهاداً بما يعوض عنها. كتب أحد العلماء الإيطاليين على بابهِ مَنْ دخل هذا البيت يجب أنْ يشترك مع الذين فيه في عملهم. وقيل إنَّ قوماً دخلوا مكتبة بكستر بقصد الزيارة وقالوا لهُ من باب التجمُّل نخاف أنْ نكون قد أضعنا وقتك فأجابهم حقّاً قد أضعتم.

وقد يعاني بعض الناس في إتمام أعمالهم تعباً يفوق التصديق فإن نيوتن كتب كتابهُ المسمى بالخرونولوجيا خمس عشرة مرة قبلما أتمَّ تهذيبهُ. وغبون كتب مذكراتهِ تسع مرات. وهَل درس سنين عديدة وكان معدل درسهِ ست عشرة ساعة كلَّ يوم ولما كان يتعب من درس الحقوق كان يريح نفسهُ بدرس الفلسفة والرياضيات. وهيوم كان يكتب ثلاث عشرة ساعة كلَّ يوم وهو يؤلف تاريخ إنكلترا. وقال مُنتسكيو لأحد أصدقائهِ إنك تقرأ هذا الكتاب في ساعات قلائل ولكني أؤكد لك أنني قد تعبت في تأليفهِ تعباً شيَّب رأسي

ومن الأمور المفيدة التي يمارسها أكثر رجال العلم تدوين كل ما يخطر لهم من الأفكار أو يسمعونهُ من الفوائد مخافة أنْ يضيع من حيِّز الذاكرة. فإن اللورد باكون ترك بعد وفاته كتب خطٍّ كثيرة سمَّاها أفكار فجائية كُتبت لتُستعمَل. والدكتور باي سمث كان يلخص كلَّ الكتب التي يقرؤها وهو عامل مع أبيه في صناعة التجليد وينتقدها ويكتب الملخص والانتقاد وجرى على ذلك حياته كلها حتى قال فيهِ كتَّاب سيرتهِ إنه كان على الدوام عاملًا جامعاً متقدماً. أما الكتب التي جمعها على هذا الأسلوب فكمعدن للعلم والمعرفة. وقد جرى هذا المجرى الشهير جون هنتر تعويضاً عمَّا بهِ من ضعف الذاكرة وشبَّه من يقرأ كتاباً ولا يُدَوِّن ما يُبقِي في ذاكرتهِ منهُ بتاجر لا يكتب كشفاً بضائعهِ ليعلم كم عنده من كلِّ صنف. ويليق بنا أنْ نذكر طرفاً من سيرة هذا الشهير فنقول

إنهُ لم يتعلم إلا بعد أنْ بلغ عشرين سنة من عمرهِ وعمل