صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٤٥ -

المرأة في الدين لأنها أقرب إلى التقوى من الرجل وأكثر تعففها من طريق الدين خوف العقاب. وهي دقيقة الإحساس سريعة التأثر فإذا لم يشتغل قلبها بالتقوى والرهبة من العقاب خيف عليها السقوط إذ ليس لها ما للرجل من قوة الإرادة. ومع ذلك فإنه أكثر سقوطاً منها لكن الناس لا يعيبون سقوطه كما يعيبون سقوطها - وذلك من جملة مظالم نظام الاجتماع.

في شوارع باريس ألوف من الفتيات لولا هذه الأسباب لكن أمهات وربات عائلات يربين أبناءهن رجال المستقبل على الفضيلة بدلاً من ضياع شبابهن في الرذيلة ويضيع معهن ألوف من الشبان بلا عقب. لأن هذه الإباحة من أكبر أسباب العقم في فرنسا إذ يمسك الشبان عن الزواج تخلصاً من متاعبه وهمومه واكتفاءً بملاذه الوقتية بثمن قليل لا مسئولية بعدها ولا تعب. فلا نبالغ إذا قلنا إن فرنسا بين يدي خطر اجتماعي يهددها ولا تخرج منه إلا بعد انقلاب عظيم.

بلغ عدد اللقطاء في باريس للعام الماضي ثمانية عشر ألفاً لا يعرفهم آباؤهم فهم من نتاج هذه الرذيلة. من نتاج الإفراط في الحرية والفتور في الدين. إن الجهل والحجاب يضران المرأة ويؤخران الهيئة الاجتماعية عن أسباب المدنية لكن الحرية الزائدة مع العلم أو بدونه تفسد المجتمع الإنساني وتضر بالعائلة. وحال فرنسا الاجتماعي أكبر شاهد على ذلك؛ لأن إحصاءها يكاد يكون الآن كما كان