صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/52

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٤٦ -

منذ أربعين سنة ولم تبق أمة لم يتضاعف إحصاؤها في أثناء هذه المدة.

خلقت المرأة أُما تدبِّر العائلة وتربي الأولاد. وتعليمها ضروري للقيام بمهمتها الطبيعية في الشؤون العائلية. وأما تكليفها بأعمال الرجال فإنه خارج عما خلقت له — إلا إذا اضطُرت إليه لأسباب قهرية. ولكننا نرى بعض كبار العلماء يجيزون لها كل عمل يعمله الرجل وأن تتعاطى كل صناعة أو مهنة لأنها مساوية له. وبعضهم ألف كتباً في هذا الموضوع خلاصتها أن المرأة يجب أن تعمل كل أعمال الرجل من صناعة أو علم أو تجارة أو زراعة بحجة تضاعف الثروة بتكاثر الأيدي في العمل. وهو رأي نظري لا ينطبق على حاجة المجتمع الإنساني. إذا نزل الرجل والمرأة إلى السوق من يربي الأطفال ويدربهم ويعنى بأحوالهم؟ فإن قيل إن المراضع والخدم يفعلون ذلك قلنا إن الطفل لا تربيه إلا أمه. وإذا فرضنا قيام الخدم مقامها فالنفقات التي يستلزمها استخدامهم تستغرق ما تكسبه المرأة بالعمل خارج بيتها.

ومهما بلغ من ارتقاء الجنس البشري في الاستكشاف والاختراع فإنه لا يقوى على قلب نظام - وهذا النظام يقضي على الأم أن تربي طفلها بحيث لا يخرج من دائرة عنايتها. وأن يكون هو أهم مشاغلها مع تدبير بيتها وليس ذلك بالشيء اليسير. إن القيام بشؤون العائلة لا يقل أهمية عن أعظم عمل من أعمال الرجال في التجارة أو السياسة أو الصناعة أو غيرها.