صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٤٣ -

من أسبابه ونعرض عن القبيح الضار.

الإرساليات المصرية

ومن قبيح هذه الحرية في باريس أن من تلك الشباك الجهنمية كثيراً في حي يعرف بالحي اللاتيني quartier latin فيه أكثر المدارس العالمية التي ترسل مصر إليها شبانها ليتلقوا فيها الحقوق والطب أو غيرهما. ولا مندوحة لهم عن الإقامة هناك والتعرض لتلك الأخطار في المراقص والملاعب حيث يختلط الشبان بالشابات. فلا ينجو من ذلك الخطر إلا قوي الإرادة ثابت العزيمة. ولكن الإنسان ضعيف ولا سيما الشاب القادم من بلاد لا يرى فيها المرأة إلا محتجبة وهو في بلده بين أهله ومعارفه يمنعه الخجل من مخالطة غير المحتجبات. أما في باريس وكل شيء فيها مباح فإنه يرى الشبان والشابات في الطرق أزواجاً (غير مطهرة) ذكراً وأنثى بلا حرج ولا خجل يتداعبون ويتغازلون. ويجد من رفاقه من يغريه على الرذيلة ويحببها إليه باسم الحرية فإذا أحجم عيره بالضعف. فهل يلام أولئك الشبان على السقوط؟ وإنما اللوم على الذين يرسلونهم إلى تلك المدارس. وإذا كان لا بد للحكومة المصرية أو الآباء من إرسال أبنائهم إلى مدارس فرنسا فمن الخطأ إرسالهم إلى باريس وتعريضهم لتلك الأخطار.

على أن هذه الطبقة من النساء ليست كلها من أهل تلك العاصمة فإن فيهن كثيرات من أهل الأرياف الفرنساوية أو من