صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٣٨ -

وإدراك وإنما هو يساق بعواطفه ويندفع بما يخطر له حسب المؤثرات الخارجية. والعامي الفرنساوي مدمن للمسكر كما تقدم. أضف إلى ذلك حدة مزاجه فإذا ضربت له وتراً حساساً كالدين أو الوطنية أو غيرها اندفع لما تريده منه. فالغلبة لمن يستطيعون استهواء هؤلاء العامة لأغراضهم بالفصاحة أو نحوها.

والنفوذ الحقيقي للخاصة لأنهم أقوى عقولاً وأكثر وسائل ذلك هو شأن الجماعات في كل بلد: يختصم الخاصة على السيادة أو الكسب فيستنصرون العامة بعضهم على بعض بما يستطيعون من الأساليب فينصرونهم وينفذون أغراضهم والعامة يتوهمون أنهم يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم. مهما بلغ من رقي العامة وحريتهم فالخاصة هم أصحاب السيادة الحقيقية، وهم كالأوصياء على العامة يسنون لهم الشرائع ويضعون لهم القوانين ويدربونهم في شئونهم السياسية والاجتماعية حتى أحوالهم اليومية. فإن الحكومة الفرنساوية تهتم بها كثيراً وقد فرضت على العامل أن يرتاح يوماً في الأسبوع فإذا لم يفعل عد مذنباً. وإذا كان عمله لا يأذن له بالراحة كخدمة المطاعم والقهوات ونحوها دبرت الحكومة وسيلة تمكنه من الراحة. وذلك أنها أمرت العامل من هؤلاء أن يختار يوماً من الأسبوع يرتاح فيه وعينت من يقوم مقامه في ذلك اليوم ويستولي على أجرته. وعندهم طائفة من العمال تحت الطلب لهذا الغرض. فبهذه الواسطة يشغلون سبع العمال ويريحون جمهورهم. لكن بعض العمال يشتكون من هذه