صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٣١ -

وهي أساس المعاملات وأكبر أسباب النجاح - ما أجمل أن يشعر الإنسان بما عليه فيؤديه بلا وازع أو مراقب. والفرنساويون من أكثر الأمم شعوراً به وكذلك الإنكليز. وربما ظهر الإنكليز أكثر قياماً بالواجب لأنهم يعملون كثيرًا ويقولون قليلاً. وأما الفرنساوي فميله إلى زخرف الكلام يظهر أعماله قليلة. لكن الشعور بالواجب قويٌ في كليهما.

ذكرنا في غير هذا المكان أن قومساري الترامواي لا رقيب عليه (مفتش) وهم لا يسلبون الشركة باستعمال التذكرة مرتين أو قبض الثمن بدون أداء التذكرة لأن القومساري الفرنساوي أو الإنكليزي نشأ وقد غرست والدته في ذهنه من طفوليته أن يعرف ما له فلا يطمع بسواه. ولو أراد السائق أن يطمع فإن الشعب أرقى من أن يتساهل في هذا الأمر لأنه تربى تربية راقية وعرف ما له وما ليس له ويعلم أن تساهله مع القومساري في أمر التذكرة إنما هو مشاركة له في السرقة. ولكن كثيرين عندنا يتساهلون في ذلك وبعضهم يحرض القومساري على السرقة. والسبب في ذلك ضعف أخلاق العامة عندنا. وإن مثل الترامواي هذا على بساطته يدل على أخلاق العامة.

الثقة وقيمة الوقت وصدق المواعيد

ومن قبيل الأمانة المبنية على معرفة الواجب وما يترتب عليها من الثقة المتبادلة أن بعض باعة الجرائد في فرنسا وإنكلترا يضعون