صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/33

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٢٩ -

أشكالها. ولهم ذوق في توليد الجمال مما لا جمال فيه من نفسه بترتيب أجزائه على شكل لا قاعدة له إلا الذوق. وهو على أرقى درجاته في باريس. تجد المرأة القبيحة الخلقة تتزيا بزي يناسبها وتصفف شعرها تصفيفة تناسب ملامح وجهها فتظهر جميلة. ولهم في تصفيف الشعر واختيار شكل البرنيطة ولونها طرق تختلف باختلاف تقاطيع الوجه ولونه وشكل الأنف والعينين والجبهة والفم وغير ذلك فيوفقون التصفيفة (التواليت) والبرنيطة على حال الوجه فيظهر جميلاً.

ويتبع ذلك ميلهم إلى تزويق الحديث فإنه من قبيل رغبتهم في الجمال الخارجي. فكما يوفقون بين تصفيفة الشعر وحجم البرنيطة وشكل الوجه حتى يظهر جميلاً فهم أيضاً يحسنون الحديث حتى يلائم ذوق السامع فتنبسط نفسه له. لكنه لا يرى النتيجة دائمًا كما كان يتوقعها. فالفرنساوي فيه ميل إلى إتقان الظواهر أكثر مما إلى إتقان البواطن وهو من قبيل حبه الجمال ويخالفه الإنكليزي في ذلك كما سنبينه في مكانه. ومن قبيل ميلهم إلى الجمال واقتدارهم على توليده ما نجده في مخازنهم وشوارعهم من الزخارف التي يُراد بها التحسين. أي أن تظهر السلعة المعروضة أحسن مما هي. ومن هذا القبيل استخدام المرايا في الواجهات لإيهام الناس أنها أكبر مما هي وإذا كان الحانوت صغيراً جعلوا جدرانه من المرايا فيظهر أضعاف ما هو.