صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٢٥ -
البوربوار (البخشيش)

ومن غرائب هذه الحضارة في فرنسا «البخشيش»، نعني ما يعطى للخدم مكافأة على خدمة خاصة وهو عندنا لا يعطى إلا إذا كانت الخدمة خارجة عن واجبات الخادم التي ينقد عليها الأجرة. وأما عندهم فالبخشيش فرض واجب لا مناص منه ويسمونه في اصطلاحهم بوربوار Pour baire أي لأجل الشرب كأنه يطلب أن تعطيه فلساً يبتاع به قدحاً من البيرا أو الخمر. والبوربوار يعطى على الخصوص لخدم القهوات والأندية والمطاعم والفنادق وساقة المركبات وهو يقدر بنحو عشر المبلغ المدفوع ثمناً حقيقياً. فإذا دخلت مطعماً مثلاً ودفعت عشرة فرنكات ثمن الغذاء، فالبوربوار لخادم المائدة فرنك. وإذا زادت المدفوعات قلت نسبة البخشيش عن عشرة في المائة مما لا ضابط له. وفي ذلك مشقة على النازلين في الفنادق لأنهم لا يعرفون كيف يدفعون ولا لمن يدفعون فالخدمة كثيرون. والغالب أن يقسم البخشيش بين الفراش والبواب وخادم المائدة وصاحب الرافعة (أسانسور) وغيرهم. وقد يكونون أكثر كثيراً ويختلف ذلك باختلاف الطبقات فالداخل على مطعم فخيم يستقبله خادم يتناول منه القبعة والشمسية وآخر يقدم له كرسياً على المائدة وهذا يخدمه في تبديل ألوان الطعام فإذا نهض تلقاه الخادم الآخر بالقبعة والشمسية وتقدم آخر ففتح له الباب عند الخروج وآخر يفتح له باب المركبة عند الركوب