صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ٢٦ -

فهؤلاء كلهم ينبغي أن يُدفع إليهم البوربوار - وقد يزيدون على ذلك.

وأصل هذه العادة الغريبة عندهم على ما نظن تزاحم الغرباء على أماكن اللهو في زمن لم يكن الخدم فيه يستطيعون القيام بما يلزم من الخدمة فأصبح من يريد تعجيل حاجته مضطراً أن يسترضي الخادم بدفعه خصوصية له. وتكرر ذلك حتى صار قاعدة. وأصبح خدمة أماكن الملاهي يعدون البوربوار من جملة استحقاقاتهم وبعضهم لا يتقاضى من صاحب القهوة أو المطعم أجرة وفيهم من يدفع شيئاً من جيبه لصاحب القهوة ليأذن باستخدامه.

ومما يستلفت نظر المصري في باريس أنك لا تجد في شوارعها متسولاً يعترض طريقك ولا متشرداً مستلقياً على الشارع ولا غلاماً عارياً أو شبه عارٍ يتسلق الترامواي أو يعرض عليك خدمة من حمل حقيبة أو نحوها - لاشتغالهم عن ذلك بالمدارس.

ولا حاجة بنا إلى ذكر سهولة المواصلات والمخابرات عندهم كالتلغراف والتلفون والبريد فإنها مشهورة وعندنا أمثلة منها لكنها هناك أكثر شيوعاً فالتلفون يكاد لا يخلو منه منزل أو متجر. وعندهم من طرق البريد مما لا مثيل له عندنا تذاكر ترسل مستعجلة في المدينة نفسها تتقاضى عليها مصلحة البريد ثلاثة أضعاف الأجرة المعتادة لكنها توصلها سريعاً كالتلغراف وهي ما يسمونه «بنوماتيك» pnumatique وهي تذكرة تكتب فيها ما شئت وتعنونها وتضعها في عين من صناديق البريد خاصة بهذه التذاكر