صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/153

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ١٢٣ -

بيوت الضيافة ينزل فيها الأضياف أشهراً لا يسألهم أحد من هم. وكان لهم ضرب من الارتزاق بالسخاء من الخليفة فمن حوله وأتباعهم وحواشيهم وأعوانهم يقيم في بيت الأمير أو العامل عشرات أو مئات من الناس يأكلون ويشربون ويلبسون ولا عمل لهم وقس على ذلك مما فصلناه في تاريخ التمدن الإسلامي. فهذه المناقب بعيدة عن مقتضيات المدنية الحديثة التي أساسها مبادلة الحقوق والواجبات لا حلم ولا عفو ولا أريحية ولا نجدة. وإنما ينال المرء من الرزق أو المنصب على قدر سعيه ومواهبه بمقتضى القواعد الاقتصادية والاعتبارات السياسية فلا يرتقي في هذا السلك غير العارف بأحكام السياسة الذي ينظر إلى حقائق الأشياء بالنظر إلى مصلحة الأمة ويحافظ على العدالة وشروطها لا ينفق قرشاً إلا في طريقه وغير ذلك من المناقب الشائعة في أوربا لهذا العهد - ولكل دولة أيام ورجال.

٦ - آثارها

لإنكلترا آثار معنوية في نفوس العقلاء مرجعها إلى الإعجاب بأخلاقهم وتربيتهم ونظام عائلاتهم - حتى أعداؤهم فإنهم يعترفون لهم بسمو الأخلاق وثباتها ويحرضون أقوامهم على تحديها.

أما الآثار البنائية فإنها كثيرة في إنكلترا ولا سيما في لندن. وقد ذكرنا شيئاً منها في كلامنا عن هذه المدينة وعددنا ما فيها من