صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/95

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
حكاية صديق
٧٧
 

والقلب يستمد من الظلمة نورًا بمحبته ...ولما جاء الليل ذهبت فوجدت ذلك الفتى منفردًا في غرفته يقرأ كتابًا شعريًّا، فحييته مستغربًا وجود الكتاب بين يديه وقلت: «أين الصديق الجديد؟ قال هو أنا يا خليل هو أنا»، ثم جلس بهدوء ما عهدته فيه، ونظر إلي وفي عينيه نور غريب يخرق الصدر ويحيط بالجوارح، تلك العيون التي طالما تأملتها ولم أَرَ فيها غير العنف والقساوة أصبحتْ تبعث نورًا يملأ القلب انعطافًا، ثم قال بصوت حسبته صادرًا من غيره: «إن ذاك الذي عرفته في الحداثة ورافقته أيام المدرسة وماشَيْته في الشبيبة قد مات، وبموته وُلِدْتُ أنا، أنا صديقك الجديد فخذ بيدي». أخذت يده فشعرت عند الملامسة أن في تلك اليد روحًا لطيفًا يسري مع دماء- تلك اليد العنيفة قد صارت لينة، تلك الأصابع التي شابهت بالأمس مخالب النمر بأعمالها أصبحت تلامس القلب برقتها.ثم قلت-