صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/85

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
امام عرش الجمال
٦٧
 

«أنا ابنة الأحراج فلا تجزع» قلت وقد رَدَّتْ حلاوة صوتها بعض رمقي: «وهل يقطن من كان مثلك بَرِّيَّةً سكنتها الوحشة والوحوش؟ قولي لي بعيشك من أنت ومن أين أتيت؟» فقالت وقد جلست على الأعشاب: «أنا رمز الطبيعة، أنا العذراء التي عبدها آباؤك فبنوا مذابح وهياكل في بعلبك وأفقا وجبيل، قلت: «تلك الهياكل قد انهدمت وعظام أجدادي ساوت أديم الأرض ولم يبقَ من آثار ألهتهم وأديانهم سوى صفحات قليلة في بطون الكتب» قالت: «بعض الآلهة يحيون بحياة عبادهم ويموتون بموتهم، وبعضهم يحيون بألوهية أزلية أبدية، أما ألوهيتي فهي مستمدَّة من جمالٍ تراه كيفما حوَّلت عينيك، جمال هو الطبية بأسرها، جمال كان بدءَ سعادة الراعي بين الرُّبى، والقروي بين الحقول، والعشائر الرُّحَّلِ بين الجبل والساحل، جمال كان للحكيم مرقاةً إلى عرش حقيقة لا تجرح» قلت