صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/77

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الارملة وابنها
٥٩
 

وسكنت حركة كل ذي نسمة حيَّة، ولم يبقَ غير برد قارس، وزمهرير هائج، وليل أسود مخيف، وموت قوي مريع.

وكان في منزل منفرد بين تلك القرى امرأةٌ جالسة أمام موقد تنسج الصوف رداءً، وبقربها وحيدها ينظر تارة إلى أشعة النار وطورًا إلى وجه أمه الهادئ، في تلك الساعة عصفت الأرياح بشدة وهزَّت أركان ذلك البيت، فذعر الصبي وأقترب من أمه محتميًا بحنونها من غضب العناصر، فضمته إلى صدرها وقبعته، ثم أجلسته على ركبتيها وقالت: «لا تجزع يا ابني، فالطبيعة تريد أن تَعِظَ الإنسان مُظْهِرَةً عظمتها تجاه صغره، وقوتها بجانب ضعفه، لا تخف يا ولدي فمن وراء الثلوج المتساقطة والغيوم المتلبدة والأرياح العاصفة روح قدُّوس كلي عالم بما تحتاجه الحقول والآكام، من وراء كل شيء كوة ناظرة إلى حقارة الإنسان بعين الشفقة والرحمة، لا تجزع يا فلذة كبدي، فالطبيعة التي ابتسمت