صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٥٨


الأرملة وابنُها

***

هجم الليل مسرعًا على شمال، مستظهرًا على نهار تساقطت فيه الثلوج على تلك القرى المحيطة بوادي قاديشا١ جاعلة تلك الحقول والهضاب صفحة بيضاء ترسم عليها الأرياح خطوطًا تمحوها الأرياح وتتلاعب بها العواصف، مازجة الجو الغضوب بالطبيعة الهائلة.

اختبأ الإنسان في منازله، والحيوان في مرابضهِ


  1. وادى قاديشا أي وادى القديسين، سمي بهذا الاسم إذ كان ملجأ الزاهدين ومأوى النُّسَّاكِ الهاربين من شقاء العالم وضجة الاجتماع، حيث كانوا يجدون الكهوف المخروقة بيد الطبيعة، والسكينة المالكة تلك الأماكن، وهو وادٍ عميق كثيرًا ما ترغب الشمس في أن تفوز بنظرة من جميعه نظرًا لعمقه واتساعه، وإذ كأنه جُرح بليغ في صدر لبنان خرقه ناب الدهر غدرًا بعد أن كان صديقًا صدوقًا.